ليلة تغير فيها القدر (الفصل الأول إلى الفصل الأخير) بقلم مجهول ( كاملة حصرياً من الفصل 2144 حتى الفصل 2173 ) بقلم مجهول
2165 مرافقة له
لم ينزل زكريا إلى الطابق السفلي بل اتجه إلى غرفة الدراسة في الطابق الثاني. التقط كتابا لم ينه قراءته سابقا يتناول سيرة حياة شخصية تاريخية مشهورة. كان عادة يستمتع بقراءة مثل هذه الكتب يغوص في فلسفة الحكم التي تبنتها تلك الشخصيات.
لكن اليوم كان مختلفا. على الرغم من محاولته التركيز على الكلمات أمامه إلا أن ذهنه كان شاردا. تنهد بعمق وفرك صدغيه بإحباط. ما حدث قبل قليل كان لا يزال يؤثر عليه...حصريا في جروب روايات وأسرار بين السطور
في تلك الأثناء كانت كوثر منشغلة بتحضير العشاء. هذه المرة بذلت مجهودا إضافيا في إعداد كل طبق بعناية على أمل أن يلفت انتباه زكريا ويقربه منها.
بحلول الساعة 630 مساء كانت المائدة جاهزة تماما وهو الوقت الذي اعتاد فيه زكريا تناول عشاءه. عندما لاحظت كوثر خروجه إلى الحديقة رتبت ملابسها سريعا وتبعت خطواته بحذر. وصلت إلى الحديقة حيث رأته جالسا على كرسي مغمض العينين غارقا في أفكاره.
انعكست أضواء المساء عليه مما أضفى توهجا ذهبيا على ملامحه المتقنة. مع مكانته النبيلة كان وجهه ساحرا لا يمكن للنساء مقاومته.
أخيرا فتح زكريا عينيه بنظرات ثاقبة جعلت قلب كوثر يخفق بشدة. قطعت الصمت قائلة بهدوء سيد فاروق العشاء جاهز.
شعرت كوثر بمزيج من الغيرة والحسد عند سماع كلماته. لماذا يفضل زكريا دائما أن تكون إيمان وحدها بجانبه
تغلبت عليها مشاعرها وأجابت بحماس سيد فاروق يمكنني أيضا البقاء وخدمتك. هذا جزء من عملي.
حاولت كوثر مجددا ربما تكون إيمان متعبة اليوم. اسمح لي بالبقاء.
ظهر على وجه زكريا القليل من الانزعاج وقال بحدة وجودها يكفي. يمكنك العودة.
عندما لاحظت الحدة في صوته أومأت سريعا برأسها وقالت بخفوت حسنا. ثم انسحبت بهدوء تحمل في قلبها إحساسا بالخذلان.
حاولت أن تجد إجابة لكن الغيرة التي اشتعلت في قلبها جعلت التفكير أكثر صعوبة. نظرت إلى المائدة التي أعدتها بحب وجهد وتساءلت إذا ما كان زكريا سيلاحظ اهتمامها يوما.
قبل أن تتمكن من قول شيء دخل زكريا من الفناء بخطوات هادئة لكن حضوره كان طاغيا كالعادة. توقفت شيرلي عن الحركة فور رؤيته ووقفت لتحييه بلباقة...حصريا في جروب روايات وأسرار بين السطور
بادرها قائلا بنبرة مباشرة لنتناول العشاء معا.
حدقت فيه بعينين واسعتين محاولة استيعاب طلبه. ثم هزت رأسها بسرعة
وقالت لا أستطيع سيد فاروق. أنا مرؤوستك ولا يليق بي أن أجلس معك على نفس الطاولة.
كان ردها واثقا لكنه نابع من احترام حدودها.
مع ذلك لم يترك زكريا لها مجالا للرفض. قال بصوت هادئ لكنه حازم أحتاج إلى شخص يرافقني لتناول العشاء. هذا أمر شيرلي.
كان ذلك كافيا لإسكات أي اعتراض في ذهنها. شعرت بتردد يسري في جسدها لكنها أومأت برأسها أخيرا قائلة بخفوت حسنا.
جلست أمامه متوترة قليلا تحاول التصرف بطبيعية. مدت يدها لتضع أمامه طبقا من الأرز بعناية لكنه أخذ منه بهدوء دون أن ينظر إليها. شعرت أن كل حركة منه كانت تحمل وژنا أكبر مما تبدو عليه...حصريا في جروب روايات وأسرار بين السطور
سيطر الصمت على القاعة ولم يكن يسمع سوى صوت الملاعق وهي تلامس الأطباق. بدت اللحظة أطول مما هي عليه لكنها كانت مشحونة بهالة من الهدوء الغريب.
فجأة كسر زكريا الصمت بسؤال غير متوقع في أي عمر بدأت ذكرياتك الأولى
رفعت شيرلي عينيها إليه بدهشة ثم نظرت إلى الأسفل متفكرة. بعد لحظات من الصمت أجابت بهدوء ربما في السادسة من عمري.
أومأ برأسه قليلا كأنه يحاول فهم شيء أعمق. ثم سأل مجددا ألا تتذكرين شيئا قبل ذلك أي شيء على الإطلاق
هزت رأسها وقالت بصوت خاڤت لا ليس لدي أي ذكريات قبل هذا العمر. الأمر غريب أليس كذلك
ثم نظرت إليه بفضول وسألته بخجل لماذا سألتني هذا السؤال
توقف زكريا للحظة كأنه يسترجع شيئا في ذهنه. ثم ابتسم ابتسامة صغيرة وقال إنه مجرد سؤال عابر.
لم تصدقه تماما لكنها لم تجرؤ على الاستفسار أكثر. عادت لتناول عشاءها ببطء تحاول السيطرة على توترها. لكنها كانت حريصة على أن تترك له شريحة اللحم التي أمامها. لم يكن مجرد احترام بل شعور عميق بالتقدير لشخصيته التي كانت تملأ المكان حتى في صمته.
الفصل 2166 انتقلي إلى غرفتي
كانت كوثر قد شوت ضلوعا تكفي لشخص واحد فقط رغم أن طريقة التقديم كانت مثالية للعين. ومع ذلك كان واضحا أن الكمية لم تكن كافية للجميع. شيرلي لاحظت ذلك ولم تجرؤ على الاقتراب من الطبق مفضلة الاكتفاء بما في صحنها.
كانت تخفض رأسها بهدوء تتناول طعامها حين فوجئت بحركة غير متوقعة. زكريا التقط السکين والشوكة وقسم قطعتين من الضلوع ثم وضعهما في طبقها. رفعت شيرلي رأسها بسرعة متوترة وقالت بنبرة مختلطة بالكذب
لا أحب هذا النوع من الطعام... يمكنك تناوله سيد فاروق.
ابتسم زكريا بهدوء ثم قال وهو يرفع حاجبيه قليلا وأنا أيضا لا أحبه.
من ملامح وجهه الهادئة لم تستطع شيرلي تحديد ما إذا كان جادا أم يمزح. في تلك اللحظة تساءلت هل يمكن أن يكون نباتيا
رغم ذلك لم تجد مفرا من التذوق. بدأت في تناول الطعام بسعادة طفولية وعينيها مسلطتين على طبقها. زكريا الذي كان يراقبها وجد نفسه متسمرا على ملامحها وخاصة انعكاس الضوء على رموشها الطويلة وهي تتحرك مع كل طرفة. للحظة نسي حتى أن يرفع شوكته لتناول الطعام. ..حصريا في جروب روايات وأسرار بين السطور
وعندما رفعت رأسها فجأة وكأنها شعرت بنظراته أدار وجهه سريعا ليبدو منشغلا بطعامه.
بعد لحظات أنهت شيرلي طعامها وسألت بصوت خاڤت محاولة كسر الصمت
هل انتهيت سيد فاروق
أومأ برأسه ببطء. ومع إجابته جمعت الأطباق وبدأت بتنظيف الطاولة بسرعة. بينما هي في المطبخ كان زكريا يجلس في غرفة المعيشة ينظر إلى شاشة التلفاز أمامه حيث كانت الأخبار تعرض بصوت خاڤت.
ولكنه لم يكن ينتبه. عينيه كانتا تتجهان بين الحين والآخر نحو المطبخ حيث كانت شيرلي تقف بشعرها المنسدل على كتفيها تغسل الأطباق برفق. وجد نفسه مشتتا غارقا في التفكير بشأنها بدلا من الأخبار.
عندما انتهت
نظرت إلى الساعة. كانت تشير إلى الثامنة مساء. توجهت نحوه وقالت بصوت عملي
السيد فاروق إذا لم تكن لديك تعليمات أخرى فسأعود إلى مسكني الآن. أرجو أن تحصل على قسط من الراحة أيضا.
لكن زكريا نظر إليها فجأة وبدون مقدمات قال بوضوح
غدا احزمي أغراضك وانتقلي إلى منزلي.
اتسعت عينا شيرلي في صدمة. التقطت أنفاسها وقالت بسرعة
هذا... هذا لا يتوافق مع القواعد سيد فاروق.
نظر إليها بثبات وأجاب بهدوء لكنه كان يحمل نبرة لا جدال فيها أنا من يضع القواعد. ..حصريا في جروب روايات وأسرار بين السطور
كانت كلماته قاطعة. في منزله لا صوت يعلو فوق صوته. حتى في تفاصيل مكان إقامة حراسه الشخصيين كان له القول الفصل.
لكنها لم تستسلم بسهولة. حاولت مجددا قائلة بلهجة تجمع بين الحذر والإصرار سيدي مسكني لا يبعد سوى ميل واحد عن منزلك والحراس متمركزون بالخارج طوال الليل. أنت بأمان تام. لا حاجة لذلك.
لكنه لم يكن ينوي النقاش. رفع جهاز التحكم عن بعد أطفأ التلفاز وقال بنبرة باردة حاسمة
افعلي ما أقوله لك.
في تلك الليلة بعد أن أبلغت قائدها روي بالتعليمات الجديدة كان رده مليئا بالدهشة. حدق بها للحظات ثم سأل
هل أنت متأكدة من أن هذا طلب السيد فاروق شخصيا
أومأت برأسها بحزم
نعم أنا متأكدة تماما.
بعد لحظات من التفكير تنهد روي وقال
حسنا اتبعي تعليماته. ربما لديه أسبابه الخاصة.
في تلك اللحظة لم تستطع شيرلي فهم نوايا زكريا. الشعور بعدم اليقين أثقل صدرها ولم تستطع منع نفسها من سؤال روي بتردد
يا قبطان هل يمكنك التحدث مع السيد فاروق بشأن استبدالي بشخص آخر أنا شابة وعديمة الخبرة. أخشى ألا أكون قادرة على توفير الحماية التي يحتاجها.
رفع روي حاجبيه محاولا تحليل الموقف. كان الأمر غريبا. فزكريا المعروف بحرصه على الحفاظ على مسافة بينه وبين حراسه خارج إطار العمل كان قد وضع قاعدة صارمة لتجنب أي اختلاط غير ضروري. لذا لماذا يريد فجأة أن تبقى شيرلي في منزله
نظر روي بتمعن إلى وجه شيرلي المتوتر وكانت لديه فكرة بدأت تتشكل. هل ما يحتاجه زكريا الآن ليس مجرد حارس شخصي
على الرغم من مكانته العالية وشهرته كان زكريا رجلا في نهاية الأمر. ربما ما كان يبحث عنه في هذه اللحظة لم يكن حماية جسدية بقدر ما كان يبحث عن رفقة. شخص يخفف عنه وحدته.
شيرلي بحداثة عهدها في
العمل وشبابها وبراءتها ربما كانت الخيار الأمثل لتكون هذه الرفقة. ..حصريا في جروب روايات وأسرار بين السطور
ابتسم روي لنفسه قليلا مستنتجا هذه الفكرة لكنه لم يشاركها مع شيرلي. كل ما قاله لها بنبرة هادئة
شيرلي إذا كان السيد فاروق قد طلب منك ذلك صراحة فلا مجال للمناقشة. ركزي فقط على أداء مهامك بجدية ولا تشغلي بالك بأسباب الطلب.
كانت شيرلي تريد الاعتراض لكن كلمات روي لم تترك لها مجالا. تنهدت بعمق وأومأت برأسها مستسلمة
حسنا سأنقل أغراضي غدا صباحا.
تلك الليلة حاولت أن تجد دعما أو ربما نصيحة. أمسكت بهاتفها جمعت شجاعتها وأرسلت رسالة إلى كمال. انتظرت بقلق الرد لكن لم يصل شيء. خيبة الأمل غطت ملامحها وما لبثت أن نامت وهي تفكر في كل شيء.
مع أول ضوء من الصباح كانت شيرلي قد أعدت كل شيء. حزمت أمتعتها وحملتها نحو الطابق السفلي في تمام السابعة صباحا. وعند نزولها كانت كوثر تدخل من الباب. توقفت كوثر في منتصف الطريق ورفعت حاجبيها بدهشة ثم بابتسامة مشوبة
بالشماتة سألت
إيمان هل طردت من العمل
الفصل 2167
تجمدت شيرلي للحظة. أدركت أن كوثر لم تفوت فرصة للتقليل من شأنها. مع ذلك اختارت الرد ببرود متجاهلة سخريتها لا أنا فقط أنتقل إلى مكان مختلف.
لكن كوثر التي كانت غارقة في همومها الخاصة لم تلتفت لما تقوله شيرلي. كان كل ما يشغلها هو مغادرة شيرلي وحياتها التي كانت تعيشها. في تلك اللحظة توقفت حافلة صغيرة أمامهم ووضعت شيرلي أمتعتها على متنها ثم صعدت إليها بثقة. كانت كوثر قد خططت للسير على الأقدام لكن السائق ناداها فجأة كوثر اركبي...حصريا في جروب روايات وأسرار بين السطور
أنا متوجهة إلى منزل السيد فاروق قالت كوثر دون تردد.
أجاب السائق بابتسامة هادئة سأصطحب إيمان إلى هناك أيضا. اركبي السيارة.
نظرت كوثر پصدمة إلى شيرلي وفجأة شعرت بشيء ثقيل في قلبها. فهمت أخيرا عندما قالت شيرلي إنها ستنتقل إلى مكان آخر كانت تعني الانتقال إلى مسكن زكريا. لم يكن مجرد تغيير في المكان بل كان يعني شيئا أكبر وأعظم.
ركبت كوثر الحافلة فورا لكن عينيها بقيت تركز على شيرلي التي كانت تبدو هادئة جدا في مكانها. قالت بحذر لكن صوتها حمل طيفا من الڠضب المكبوت هل ستعيشين في منزل السيد فاروق
أدركت شيرلي على الفور ما يدور في ذهن كوثر. كان الحسد يطفو على وجهها بشكل جلي ولكن شيرلي لم تكن في مزاج لتفاخر. بل على العكس شعرت بالعجز وبشيء من الألم لأنها لا تملك القدرة على إيقاف هذا التفسير الخاطئ. أومأت برأسها ببساطة وأجابت نعم كانت فكرة السيد فاروق.
فجأة تغيرت ملامح كوثر. انتفخ صدرها وكأنها تحاول محاربة شعورها بالهزيمة ثم عضت شفتيها بشدة قبل أن ټنفجر ساخرا أنت شخص رائع أليس كذلك
كانت كوثر مقتنعة أن شيرلي قد استخدمت طرقا ملتوية لشد انتباه زكريا وأن هذا هو السبب في أنه يعاملها بشكل خاص وكأن كل شيء كان مجرد لعبة بالنسبة لها.
رغم أن شيرلي شعرت بأن كوثر قد أساءت فهم الموقف تماما قررت أن تبقى صامتة. عقدت حاجبها وكأنها تقول لها لا أحتاج للتوضيح.
عندما وصلوا إلى منزل زكريا نزلت شيرلي من الحافلة بينما تبعتها كوثر بخطوات سريعة وكأنها لا تستطيع أن تمنع نفسها من إظهار مشاعرها المترقبة. لكن عندما غادرت شيرلي الحافلة قالت كوثر بنبرة جادة جدا وهي تركز نظرها عليها توقفي هنا إيمان.
لم يكن أمام شيرلي خيار سوى التوقف والنظر إلى كوثر التي بدت وكأنها
تحمل سؤالا عميقا وألما في قلبها...حصريا في جروب روايات وأسرار بين السطور
في تلك اللحظة كانت كوثر كما لو كانت قطة قد دس على ذيلها كانت تتنفس بصعوبة وكأن الڠضب والغيرة يغليان بداخلها. كيف نجحت في جعل السيد فاروق يلاحظك ما هي الحيل التي استخدمتها أم أنك أغويته عندما لم أكن موجودة
كان الصوت في نبرة كوثر مليئا بالشكوك وكأنها تؤمن أن شيرلي لم تكن أقل منها في أي شيء. كيف يمكن لزكريا أن يهتم بها لا بد أن هناك سرا خفيا شيئا لم تراه هي نفسها.
شعرت شيرلي بأنها فقدت القدرة على الكلام. كان الأمر مزعجا بشكل لا يوصف أن تتهم ظلما بهذه الطريقة. نظرت إلى كوثر بعينيها الحادتين وأطلقت أنفاسها بهدوء. ثم قالت بصوت منخفض لكنها حاد جدا هل انتهيت
فوجئت كوثر بنظرات شيرلي الحادة فقالت بسخرية لا تدعني أمسك بك وأنت تفعل أي شيء خاطئ وإلا فلن أتركك.
ثم دخلت المنزل أولا متعمدة أن تظهر سيطرتها وتبعتها شيرلي بخطوات هادئة. حملت شيرلي أمتعتها إلى الطابق الثاني حيث كانت غرفة الضيوف المحجوزة للزوار.
في الوقت نفسه كان الطابق الثالث